[size=24]بسم الله الرحمن الرحيم
::::ما أجمل هذا الصوت::::
كانت ليلة جميلة اكتمل فيها البدر وازدانت السماء الصافية بالنجوم من كل لون
وكان المتسامرون يجلسون في الهواء الطلق
بينما أخذت نسمات الهواء المنعشة تلامس الوجوه برفق ولطف.
أخذ واحد من أفراد المجموعة مكانه واتكأ على إحدى الأرائك المبثوثة هنا وهناك.
وقد كانوا جميعا ينتظرون أن يبدأ (سمير)غنائه
المحبب إلى نفوسهم.
وقد كان سمير ذا صوت جميل يأسر سامعه ويأخذه إلى عالم آخر بالإضافة إلى كونه
ماهرا في الضرب على العود.
هاهو سمير يأخذ مكانه في صدر المجلس بعد أن حيا رفاقه المتلهفين لسماع غنائه.ثم أمسكــ
سمير بعوده الخشبي وسكت برهة يبلع فيها ريقه ثم انطلق يغني بصوته الجميل..
كان الشيخ (أبو صالح) عائدا لتوه من الجامع الكبير بعد أن صلى العشاء مع الناس .وكان من عادته أن يتمشى قليلا قبل أن يرجع لبيته وبينما هو يمشي ويسبح الله إذ به يسمع صوتا عجيبا آتيا من بعيد.
كان الصوت يتهادى إلى أذن أبي صالح بهدوء في سكون الليل المهيب فأخذ أبو صالح يحاول تمييز الكلمات التي يرددها ذلكــ الصوت ولم يستطع أن يفهم شيئا لبعد المسافة بينه وبين الصوت .
ما كان من أبي صالح إلا أن توجه نحو مصدر الصوت وكان كلما اقتراب من الصوت اتضح له أن الصوت جميل جدا ولكنه كان مصحوبا بضرب العود.
كان سمير ورفاقه يعيشون حالة لا توصف من الطرب .
وكم كانت دهشتهم عظيمة عندما رأوا الشيخ أبا صالح وقد أطل عليهم فجأة بهيئته الوقورة ووجهه الذي يبدو منه النور.
وعندها لم يكن من سمير إلا أن توقف من الغناء وقد عقدت الدهشة لسانه وتعلقت عيناه بوجه الشيخ الوقور.
اقتراب الشيخ من سمير وقال بلهجة واثقة::
ما أجمل صوتكــ يا بني ..لو كان بالقران !!
ثم أخرج الشيخ ورقه من جيبه وكتب فيها شيئا ثم ألقى الورقة بين يدي سمير
وقال وهو ينصر راجعا لبيته::
يا بني إذ كنت ستغني ثانية فليكن غناؤك بهذه الأبيات ثم اختفى الشيخ وسط الظلام .
التقط سمير الورقة فوجد مكتوبا فيها...
يا ساهر الليل مسرورا بأوله ** إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
لا تفرحن بليل طـــاب أوله ** فـــرب أخـر ليل أجـــج الــــنارا
عادت ترابا أكف الملهيات وقد **كانت تحرك عيدانا وأوتار!!
شعر سمير برجفة شديدة تسري في جسده لما قرأ الأبيات وأخذ يرددها وهو يتذكر الموت والقبر ويتخيل أكل الدود ليده التي تحرك أوتار العود!!
فأخذت الدموع تنهمر من عينيه ثم وثب مكانه يجري خلف الشيخ ..
وهو ينادي:: يا شيخ ! يا شيخ !
كان الشيخ أبو صالح لم يبلغ منزله بعد فانتهى إلى سمعه صوت النداء فالتفت خلفه ينظر إلى
المنادي فإذا هو سمير ورأى وجنتيه تلمعان على ضوء القمر من أثر الدموع ..
فما كان من الشيخ إلا أن احتضن سمير وعانقه وهو يقول ::
مرحبا والله بالتائب!
ثم انصرف سمير مع الشيخ إلى منزله وعندما وصلا أجلس الشيخ سمير في مجلس البيت ثم جلس إلى جانبه وهو يقول::
عندما سمعت صوتكــ يا بني .. أسفت والله أن يكون ذلكــ الصوت تاليا لقران الشيطان!
قال سمير:
وهل للشيطان قرآن يا شيخ ؟؟
أجاب الشيخ::
أجل يا بني انه الغناء ؛الغناء هو قرآن الشيطان الذي يجمع كل شر فمن الغناء ما هو كفر ومنه ما هو فسق ولا يخرج الغناء بحال من الأحوال عن أن يكون معصية لله هادمه للدين والخلق.
وكيف يشك عاقل في حرمته وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ((ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)).
ومعنى يستحلون أي يعتبرونها حلالا فيمارسوها,
والحر هو الفرج الحرام أي الزنا عياذا بالله
وكلمة المعازف يفهم معناها كل أحد أميا كان أو عالما.
يا بني!!
إن الغناء هو صوت الشيطان الذي يدعو للزنا والفجور ويلهي القلب ويصده عن فهم القران وتدبره والعمل بما فيه فان القرآن والغناء ضدان لا يجتمعان في قلب أبدا.
فالقرآن: ينهى عن إتباع الهوى, ويأمر بالعفة, ومجانبة الشهوات النفوس وأسباب الضلال.
والغناء:يأمر بضد ذلكـ كله ويهيج النفوس إلى الشهوات الغي فيثير كامنها ويسوقها إلى كل قبيح.
ولو لم يكن في الغناء إلا انه يحرم العبد من التلذذ بكلام ربه لكفى به إثما ومصيبة!
فكيف وهو يجر إلى مصائب ورذائل أخرى شنيعة؟!
يتبع..,[/size]